أدرجت وزارة التعليم الكتب الدراسية والحقائب التعليمية وحلقات متعددة تتضمن شروحات لتلك المناهج الدراسية على موقعها عبر الشبكة العنكبوتية، ومن منطلق ذلك التقت صحيفة “الميدان التعليمي” عدد من التربويين لمعرفة وجهة نظرهم حول ذلك، حيث وجهت لهم عدد من التساؤلات من أهمها، هل تعد هذه المحاولات مجدية للطلاب والطالبات؟ وينتفع بها ويستطيع الطالب الوصول إليها أو يستطيع الوصول إليها فئة دون أخرى؟ بسبب الانترنت وعدم وجوده في كل منزل نظرًا لتكلفته خصوصًا عند التحميل أو أنها مجرد عبء فقط وروابط مهجورة، وهل لديكم مقترحات تطويرية لتلك المناهج الالكترونية؟ وجعلها في متناول الجميع وتكون دون الانترنت.
بداية، تحدث الدكتور إبراهيم بن مقحم المقحم أستاذ مشارك تخصص المناهج وطرق التدريس قائلاً: الكتب الدراسية والحقائب التعليمية والحلقات التي تتضمن شروحات المناهج الدراسية التي أطلقتها الوزارة عبر موقعها على الشبكة العنكبوتية وقنوات عين عمل تقني تشكر عليه، غير أن عوائق عديدة تقلّل الإفادة من هذا العمل حاليًا؛ منها ماهو تقني لا يتيح الوصول للروابط بسبب الاتصال وتباين فعاليته في المدن والمحافظات والمراكز والقرى والهجر بسبب تباعد مناطق المملكة جغرافيًا، ومنها ماهو اقتصادي مرتبط بأعباء إضافية على الطلاب وأولياء أمورهم، ومضيفاً: إلى هناك عائق مهم مرتبط بضعف الدور التوجيهي إما من قادة المدارس أو معلميها حيال هذه التقنية التي تتطلب إلمامًا تقنيًا قد لا يتوافر حاليًا لدى بعض القادة والمعلمين، فضلاً عن اختلاف نوعيات الطلاب في المراحل الدراسية الثلاث المستقبلين لهذه الخدمة.
واختتم المقحم حديثه قائلًا: لا أحد من التربويين يجهل أهمية هذه التقنية وتعميمها، وأنها المستقبل الذي تنشده الوزارة في إطار رؤية 2030، وطالب وزارة التعليم السعي لتذليل كل معوقاتها، بدءً من تيسير الاتصالات، وتهيئة البيئة المدرسية لذلك، وتطوير إعداد المعلم، وعقد الدورات وورش العمل لتعميم هذه الخدمة وتعميمها على مستوى الوزارة وإدارات التعليم والمدارس، وتهيئة هذه التقنية لجميع الطلاب مع الأخذ في الحسبان أعمارهم الزمنية.
من جانب أخر، توجهنا بالأسئلة للدكتور محمد الذبياني عضو هئية التدريس بجامعة طيبة، قائلًا فيما يتعلق بالتحول الرقمي للتعليم سواء فيما يتعلق بالمناهج أو طريقة التدريس فهو ليس أمر اختياري بل هو ضرورة للحاق بركب العالم المتقدم، وأضاف بأن هذا التحول الرقمي هو احد أهم معطيات القرن الحادي والعشرين فثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ونظمها وظهور الإنترنت (Internet)، قد أحدثت تغييرات واسعة ومهمة جدًا في كل المجالات ومنها مجال التعليم، فأصبح التعليم يواجه عددًا من التحديات التي تتطلب إمداد عناصر العملية التعليمية البشرية بالمهارات اللازمة لمواجهة هذه التحديات، ومن ثم ظهر في الساحات التربوية مفهوم جديد يعرف بـ(بتكنولوجيا التعليم)، وبالتالي تزايدت أعباء (المعلم) الذي لم يعد مطلوبًا منه الاكتفاء بنقل المعرفة للمتعلم، بل أصبح المطلوب منه تنمية قدرات المتعلمين على الوصول للمعرفة من مصادرها المختلفة وأن يكون المعلم مصممًا لبيئة التقنية وبرامجها والمطور لها أيضًا ، ولديه القدرة الكاملة علىتوظيف التقنية في بيئة التدريس.
وذكر الذبياني أن هذا التحول يتطلب من (المتعلم/ المتعلمة) التعامل مع البيئة التعليمية الرقمية ومع الكتب الرقمية، والتعامل مع المصادر الإلكترونية؛ يقول جاك دولاني Jack Dulaney المشرف على مدراس مونونجاليا بأمريكا (يجب أن نتجاوز عملية تزويد التلاميذ بالمعلومات عبر الكتب، بل يجب أن يعمل التعليم على تمكينهم من صنع المعلومات والوصول للمعرفة عبر التقنية)، مضيفاً: لذلك أعتقد أنه من الأجدى أن نناقش الآليات التي من خلالها نحقق ما سبق، لا أن نناقش هل قضايا التحول الرقمي في ميدان التعليم مجدية أو غير مجدية؛ لأنها اليوم أصبحت ضرورة وليست خيار أو ترفاً كما أسلفنا سابقاً، ومن الآليات المقترحة:
1. إيقاف برامج إعداد المعلم الحالية فوراً وإعادة هيكلة كليات التربية والانتقال لـ(برامج إعداد معلمين/معلمات) جديدة داعمة لعملية التحول الرقمي في ميدان التعليم، لأن المعلم/ المعلمة يعدان حجر الزاوية في نجاح أي عملية تطوير أو تحول رقمي.
2. الانتقال لصيغة (المدارس الذكية) والتي يتوفر فيها الانترنت، والمصادر الإلكترونية، والتدريس الافتراضي، والكتب الرقمية، وذلك في حال عدم المقدرة على توفير الانترنت في منازل الطلاب والطالبات. وعلى الأخص في المناطق الريفية.
واختتم الذبياني حديثه بعبارتين: الأولى للأمريكية جينفر جيمس والتي تقول: (إن التعليم الذي سيحقق النجاح هو التعليم الذي يستخدم المعلومات بكفاءة عالية)، والثانية أقول فيها شخصياً: إن التحول الرقمي في مجال التعليم أمر حتمي ومن لا يضع الخطط الكفيلة بتحقيق ذلك سيخسر الكثير ولن يستطيع المنافسة وقد يفوته اللحاق بركب العالم.
وأوضح الدكتور عبدالله عبد المحسن الحربي أستاذ المناهج وطرق التدريس بالجامعة الإسلامية، حسب اعتقاده أن وجود عدة قنوات اعلامية والكترونية تدعم المنهج أو البرامج الدراسية فكرة رائعة في ظل انتشار أدوات الإعلام الجديد في المنازل وحتى في ايدي الناشئة، مضيفاً إن ما تحتاجه وزارة التعليم في هذا المجال هو أسلوب طرح وتقديم هذه المواد بطريقة مجدية أكثر، علي سبيل المثال في القنوات الفضائية: يفترض أن تقدم برامج مسابقات طلابيه مشوقة في محتوي المنهج لجميع المواد يرصد لها جوائز مجزية تثير دافعية الطلاب نحو التعلم وتحفزهم على الاستفادة العلمية المرجوة، مدللًا على ذلك مشاهده البعض ممن عاصر برنامجي (لمن الكأس) و(طلابنا في الميدان) اللذان كانا يقدمان بالتلفزيون السعودي، وكيف كانا لهما أثر بارز في اثراء العملية التعلمية في ذلك الوقت ومثل هذه البرامج التي يفترض ان تتحرك في جميع المدن والمحافظات ستنتج حراكًا علميًا واسعًا يشارك به جميع إطراف العملية التعليمية. وأضاف الحربي، بأن تنزيل ملفات صامته أو عرض شروحات مثل التي يشاهدها الطلاب داخل للفصل لا يكون لها أثراً كبيرًا، ورأى الحربي انه يمكن الاستفادة من مشاهير التواصل الاجتماعي اللذين يتابعهم الشباب في تقديم محتوى بعض المواد بطريقة احترافية تفيد في إكتساب المعارف والمهارات المطلوبة وترتقي بمستوي التحصيل.
ورأى المعلم بتعليم المدينة عبدالحميد عبدالله النحيت، وأحد مبتعثي خبرات في جامعة تورنتو كندا، أن ما قامت به وزارة التعليم من وضع للكتب الدراسية والحقائب التعليمية وشروحات للمناهج الدراسية عبر موقعها على الإنترنت وعلى قناة عين، وماتم مؤخراً من تضمين باركود لكل درس في المناهج الدراسية، تعتبر طريقة مجديه ونافعة بكل المقاييس وسوف تؤتي أُكُلها، خصوصاً وأن توجّه الوزارة إلى تفعيل التعلم النشط والتركيز على مهارة التفكير الناقد يتوافق مع ذلك، مضيفًا أن الطالب يجب أن يمارس ويعتاد على عملية البحث عن المعلومه بمفرده أو بمشاركة أقرانه من خلال التفكير والتحليل والنقد في آن واحد، وهي عبارة عن طرق تضع المعلومة في متناول الجميع بكل يسر وسهولة، الهدف منها هو القضاء على إنتشار ما يسمى بالدروس الخصوصية، فالطالب إذا فقد التركيز في معلومةٍ معينة أو لم يتمكن من فهم نقطة ما أثناء الحصه أو في حال غيابه يستطيع العودة إلى ذلك الدرس من خلال الشروحات التي قد أعدّت مسبقاً في قناة عين أو من خلال الفيديوهات التي تُعدُّها مراكز الإنتاج، بالإضافة إلى ذلك، وجود الباركود في كتاب الطالب والنشاط تعتبر دعامة حقيقة للمعلم داخل غرفة الصف يستطيع من خلالها تعزيز و إثراء العمليه التعليميه متى ما استُخْدِمت وفُعِّلت بشكل حقيقي، على سبيل المثال لا الحصر يستطيع معلم اللغه الانجليزية من خلال قراءة الباركود الموجود في الكتاب المدرسي تفعيل مهارة الإستماع لدى الطالب حيث بإمكان التلاميذ اكتساب الاكسنت من المتحدث الأصلي للغة وتقوية مهارة “listening skill” لدى الطالب و عندما تألف الأذن ويُكْسر حاجز الخوف لدى المتعلم تلقائياً سيبدأ بمحاكاة ماتم الإستماع إليه، أيضا بإمكان معلمي لغتي الاستفادة من هذا الباركود في قراءة القصائد الشعريه بلغة عربية سليمه. فقط ما تحتاجه العديد من المدارس هو بالفعل توفر شبكة إنترنت قوية في جميع جنبات المدرسه لكي ينعم جميع المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات من الاستفادة بشكل أكبر من هذه الخدمه لتسخيرها بشكل إيجابي لتحقيق الأهداف المرجوة.
وذكر المعلم والخبير التربوي عبدالله صالح الجاسم، أن موضوع الانترنت وتوفره أو عدم توفره في بعض المنازل ،في وقتنا الحالي لايخلو منزلاً من الانترنت ، ان لم يكن اتصالاً مباشراً في المنزل فهو قد يكون اتصالاً عن طريق الواي فاي من احد المنازل المجاوره او بعض الخدمات المجانيه التي تقدمها بعض شركات الاتصالات، وبين بأن الإشكالية تكمن في بعض الهجر والقرى التي لا يتوافر فيها الانترنت بسبب بعدهم عن المدن وابراج الاتصالات، وامتدح الجاسم المناهج الالكترونية وقنوات عين بالقول أنها ناجحة ومفيده للطلاب والطالبات بإذن الله تعالى.
وأقترح الجاسم أن يتم توفير جهاز لوحي لكل طالب وطالبه عن طريق وزارة التعليم ويكون محمل عليه جميع المناهج الدراسيه من الروضه الى الصف الثالث ثانوي ليستفيد منه الطالب طيلة مراحله الدراسيه وقيمة هذا الجهاز أقل بكثير من قيمة تكاليف المناهج الدراسيه للإثنى عشرة سنه دراسيه لكل طالب وطالبة.
ورأى المعلم إبراهيم محمد المهنا بتعليم الرياض، وأحد مبتعثي خبرات في جامعة تورنتو كندا، بأن المحتوي التعليمي الالكتروني على شبكة الانترنت هو مصدر لا غنى عنه في ظل متطلبات هذا العصر وخصوصاً فيما يتعلق بمتطلب الوصول السريع للمعلومة، إذاً نتفق على أهمية المعلومة وتوفرها الالكتروني وأيضاً على الوصول السريع إليها وهذه هي أحد أكبر الخدمات التي يقدمها الانترنت، وأضاف بأن بقاء هذه المعلومة صحيحة أو موثوقة المصدر فهذا الأمر يقع على عاتق المعنيين بها، واوضح المهنا بان المقصود بمن يملكون المعلومة الصحيحة ومصدرها الموثوق على الواقع فهو مطالب بتحويل هذه المعلومة إلى معلومة رقمية سهلة الوصول من شتى أنحاء العالم، هذه بعض النقاط التي ذكرتها تعلل فيما إذا كان مجدياً بهذه المحاولات أن تفيد الطالب أو ينتفع بها، المهم هو توفر المعلومة بمصدرها الصحيح أما الانتفاع بها فجزء من مسؤوليته يقع على الطالب نفسه أو على أسرته، وفي هذا الوقت خصيصاً بدأت أرى بعضاً من القبول والإقدام من الطلاب أو أسرهم على استخدام الكتب الالكترونية التفاعليه وخصوصاً في منهج اللغة الإنجليزية فلقد تحولت المناهج من تقليدية إلى تفاعلية ممتعة تناسب الطالب واهتماماته وعمره ولابد من الاستمرار في تطويرها وإضافة المزيد من التفاعلية فيها ، وأضاف بأن هناك من يستعين بالفديوهات التعليمية التي تعج بها الشبكة وهذه نقطة إضافية لمن يستزيد بشئ أكثر من الكتاب الالكتروني أو الحقيبة التعليمية.
وأكد المهنا بأن بعض الطلاب لديه عائق الوصول إلى الانترنت وخصوصًا إذا ماكان عالي التكلفة أو لا يتوفر اساساً لديهم فهذا الأمر خارج عن الإرادة لدى البعض، موضحًا إن المصدر الالكتروني للمعلومة يمكن توفيره دون الاتصال بشبكة الانترنت بطرق كثيرة، كان سابقاً يتم توفيرها على شكل قرص مدمج CD لكنها كانت قابلة للضياع بشكل سريع أو التلف، مقترحًا أن توفير هذه المناهج عن طريق الفلاش درايف -كروت الذاكرة المحمولة-، حيث نرى أن بعض الشركات تستعين بهذه الطريقة فيما اذا كانت تحاول التسويق بشكل أسرع.وأضاف بأن الأفكار لاتنتهي ومن ضمنها يمكننا بأن نقوم بتوفير معمل لكل مدرسة تقريبًا وفي كل جهاز يتم تثبيت جميع المناهج الالكترونية التعليمية والحقائب التعليمية بحيث تكون متوفرة دائمًا دون اتصال، مدللًا على ذلك ما رأه في أحد المدارس الأجنبية، حيث يتم توفير أجهزة آيباد تتوفر فيها المادة التعليمية بشكل بسيط وجذاب للطلاب، وقد تكون هذه أيضاً احد هذه الافكار أو الحلول.
واختتم المهنا حديثه قائلًا: رأينا كيف تحولت مصادر المعلومة الورقية الى الكترونية ثم انضمت مواقع ومحركات البحث الالكترونية إلى جانب المكتبات في سبل البحث عن المعلومة والكتب، التحول الرقمي أمر لايستهان به لما يوفره من سهولة وصول وسرعة إنجاز دون ضياع أي وقت، لابد أن تؤخذ هذه الأمور بجدية وبحلول مبتكرة أبسط دون تعقيد، ومهما كانت الجهود فلن تكون دون جدوى مادام التطوير في هذه المصادر الالكترونية مستمر وحديث.
وقال الخبير التربوي الأستاذ يحيى الحسيني، بغض النظر عن ناحية توفر الإنترنت لدى البعض من الطلبه، وإن تلك إحدى المعوقات فإنه من الأجدى تعليميًا أن تكون القنوات التعليمية الإلكترونيه ذات مستوى تفاعلي أكبر بحيث يكون من خلالها تواصل بين المعلم وطلابه سواء من ناحية شرح المادة التعليمية وتلقي التغذية الراجعة أو من ناحية أداء الإنجازات المنزلية، وأضاف الحسيني بإلاتكون ذات محتوى جامد، متسائلا عن الفائدة التي زادت في الكتاب الإلكتروني عن الورقي إن لم تكن فيه ناحية تفاعلية بل قد يكون الكتاب الورقي أوضح وأسهل تصفحًا هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى طالب الحسيني بأنه ينبغي ان يكون هناك نوع من التشجيع أو الإلزام للطالب بالرجوع إلى المحتوي الإلكتروني كأن تكون هناك أسئلة أو واجبات تلزم صراحة بالرجوع الى موقع كذا وعمل كذا.
فيما أعتبر المعلم بتعليم المدينة ناصر مفوز آل مفوز، أحد مبتعثي خبرات في جامعة تورنتو كندا، بأن هذه الخطوة موفقة من وزارة التعليم لتهيئة الميدان التعليمي للتعلم الرقمي، والذي سيبدأ العمل به في عام 2020م، ولكن ليست هذه هي نهاية المطاف بالنسبة لعملية التهيئة فلا نغفل أهمية التدريب والتوعية والإرشاد للطلاب في كيفية استخدام هذه التقنية الاستخدام الأمثل الذي يضمن بشكل كبير نجاح كل هذه المحاولات، ورأي بأن الحكم بنجاحها من عدمه مبكراً جداً خاصةً وأننا لازلنا في بداية خوض غمار هذه التجربة والتي أرى أنها ستثري الميدان بدون أدنى شك، واختتم حديثه بالقول حبذا لو كان هناك مرفقات إرشادية للمعلمين والطلاب تعزز من أهمية وكيفية استخدام هذة التقنية المدرجة في المواقع وأبرازها أكثر. وللاطلاع على مصدر التقرير اضغط هنا