بعد أن أعلنت هيئة التقويم والتعليم تدني الأداء بشكل عام للطلاب والطالبات في نتائج الاختبارات الوطنية في مادتي الرياضيات والعلوم، وما صاحبه من تصريحات بين وزارتي التعليم وهيئة التقوم والتعليم بشان المسؤول عن تدني مستويات الأداء، وبناءً على ذلك التقت “الميدان التعليمي” عدداً من التربويين ذوي الخبرة في هذا المجال.
في البداية تحدث إلينا الدكتور إبراهيم بن مقحم المقحم، أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والخبير التربوي، قائلًا: أن وزارة التعليم بالمملكة تولي الاختبارات الوطنية التي تقيس مستوى التحصيل العلمي للطلاب والطالبات في مادتي الرياضيات والعلوم اهتمامًا كبيرًا بوصفها مقياسًا للتميز في اختبار (TIMSS) وهو أحد الدراسات الدولية.
وأضاف لا يخفى تدني نتائج هذه الاختبارات بالمملكة في السنوات الأخيرة مما أوجد جدلاً بين الوزارة وهيئة تقويم التعليم عن الأسباب والمسؤولية، موضحاً، أن في مقدمة الأسباب من وجهة نظره، غياب الرؤية الوطنية نحو التميّز لدى الكثير من العاملين في الميدان وكذلك الأُسر، وسلبية تطبيق التقويم المستمر بشكله التربوي والعالمي، وبناء المناهج دون اهتمام كاف بأسسها، وضعف توازن تطوير المناهج مع تطوير المعلمين والقادة والبيئة المدرسية، وأسباب أخرى تتعلق بضعف التأسيس في مراحل الروضة والابتدائية، والتركيز على التلقين وضعف الاهتمام بالمهارت، إضافة إلى الحالات السلوكية في المدارس كالغياب والتأخر والتنمر، وقلة الجدية في التعلم، وضعف الدعم الإعلامي للتكامل بين التعليم والإعلام.
وطالب المقحم، بضرورة الاعتراف بالمسؤولية ووضع هذه الأسباب (المشكلات) على الطاولة مع ما رصدته وترصده الوزارة والهيئة خلال السنوات الخمس الأخيرة والدقة في التشخيص والعلاج من قبل لجان في الوزارة وهيئة تقويم التعليم تغيرها لا يرتبط بتغير المسؤول، مثلاً الاتجاه نحو التحول للاختبارات التحريرية تم بناءً على ماذا؟ وهكذا، والسعي للتكامل بين مراحل التعليم مناهجيًا، وكذلك بين ما يتم في كليات الإعداد ومراحل التعليم، وتطوير طرائق التدريس، والتركيز على المهارات، وتكثيف الاختبارات التجريبية وتشجيع المتميزين والاهتمام بالنمو المهني للمعلم إعدادًا وعملًا.
إما الدكتور نصار حميد الدين، عضو هيئة تدريس بالجامعة الإسلامة، أوضح قائلًا: لابد من النظر في هذه المشكلة إلى أطراف ثلاثة هم، المعلم، والطالب، والمناهج، فالمعلم بنسبة كبيرة يحتاج إلى تطوير في مادته العلمية، وفي طرق التدريس، فالمناهج يجب أن تساير العصر بتقديم الدروس في ثوب جديد.
وأشار الدكتور نصار، إلى أن الطالب أصبح يعيش في عصر جديد محاصر بالصوارف من كل ناحية، “انترنت، وتوابعه، ومسايرة العصر ومواءمة الوقت”، والملاءمة بين ما يقدم وما يعيش فيه الطالب أمر ضروري، سواء بإنتاج الألعاب الرياضية إلكترونياً، والتجارب العلمية كذلك لعل ذلك يكون جيدا إذا فعلناه.
ومن جهة أخرى، أوضح المشرف التربوي مسعد العنزي، أن هناك ارتباط بين نتائج القدرات العامة، ونتائج الاختبارات الوطنية لأن كليهما يستهدفان مهارات التفكير العليا، والتي لا يمكن أن تبنى خلال مدة قصيرة، مبيناً، أن السبب الرئيس في تدني الأداء التركيز على منخفضي الأداء، ومحاولة الرفع من مستواهم على حساب الطلاب المتميزين الذين لم تقدم لهم برامج مماثلة تستهدف تطوير المهارات العليا.
وأردف العنزي، أن كمية المهارات في الجانب الكمي “الرياضيات” كبيرة في المنهج حتى إن الطلاب لا يمكنهم امتلاك تلك المهارات خلال الوقت القصير،مشيراً، أن الطالب علميًا يحتاج 21 يومًا كحد أدنى لتحقيق المهارات بشكل جيد.
وأقترح العنزي، حلولًا لرفع مستوى الأداء منها، طرح برامج محددة تستهدف مهارات أساسية في التفكير في جانبيه، ومعالجة وضع المناهج الحالية، وتطوير مستوى أداء المعلمين في مجال التفكير، مطالبًا بوضع اختبارات مقننبة جاهزة يقيم بها الطلاب وتحلل تلقائيا الجوانب الضعيفة لدى الطالب.
وتحدث المشرف التربوي، خالد سعد الصاعدي، قائلًا، أن التعليم هو المحرك الأساس لعجلة التنمية والتطور للأمم، وتتفق جميع دول العالم على أهميته ودوره في تحقيق الدور الحياتي للفرد والمجتمع، كما تسعى لتقييمه وتطويره على الدوام، موضحاً أن أول خطوة من وجهة نظره في تطوير التعليم هي قياس ناتج التعليم من واقع الإجراءات والممارسات الحالية من خلال اختبارات ذات معايير وأسس تتوافق مع الأهداف المرجوة وتتماشى مع طبيعة المجتمع وخصوصيته.
وبين الصاعدي، أن الاختبارات الوطنية تعد مرآة تعكس صورة نتاجنا التعليمي ومؤشراً لجوانب القصور ومكامن الخلل في ميدان التعليم عامة وفي مدارسنا خاصة، مضيفاً، ولكي تكون هذه الصورة حقيقية لابد من أن تُولى عناية واهتمام من كافة المستويات لتُبنى عليها قرارات صائبة تُسهم في تصحيح المسار وتحقيق أهداف تعليمنا تماشياً مع رؤية وطننا الغالي.
وأشار، إلى أن الاختبارات الوطنية مقياساً وشاهداً على جودة المماراسات التدريسية والعوامل المؤثرة في ذلك سواء كانت إدارية أو مادية أو اجتماعية.
وأردف، أن هيئة تقويم التعليم تقوم بإجراء الاختبار على طلاب الصف الرابع الابتدائي وطلاب الصف الثاني المتوسط بالتعاون مع المركز الوطني للقياس، وذلك في مهارات القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم، ولكن الملاحظ من وجهة نظره هو تدني أداء الطلاب في الاختبارات الوطنية، مبيناً أن ذلك يعود لعدة أسباب منها، عدم التركيز على الاستيعاب المفاهيمي، وإهمال مسائل التفكير العليا، وكذلك ضعف الطلاب في استيعاب المقروء، وأيضاً ارتباط المقرر بالنظرية البنائية مما يقلل اعتماديته على الكفايات، وانعدام التواصل بين البيت والمدرسة، كذلك من الأسباب عدم اعتياد الطلاب على هذه النوعية من الأسئلة، حيث تختلف المعايير عن تلك التي في المقرر وكذلك عن أسئلة المعلمين، وأيضاً اختلاف وتفاوت طرق وآليات التقويم عند المعلمين، ومن الأسباب، عدم وجود توعية كافية بأهمية الاختبارات الوطنية وما يترتب على نتائجها في الميدان التعليمي.
وأقترح الصاعدي، بعض الحلول لرفع أداء الطلاب في الاختبارات الوطنية مما يعطي حكماً منصفاً لمستوى أبنائنا وأداء معلمينا، منها، نشر الوعي بأهمية الاختبارات الوطنية وما تمثله من دور يفوق غيرها من الاختبارات، وتفعيل دور النمو المهني القائم على المدرسة “بحث الدرس” وغيره من العمليات التي تدور حول التقليل من الممارسات التدريسية الخاطئة، والاهتمام بالتقويم المتمركز حول المتعلم، وتغيير صياغة المقررات بما يتوافق مع عمق المفاهيم ومع معايير أسئلة الاختبارات الوطنية وتدريب المعلمين عليها، والسير بالأسئلة نحو المستويات المتوسطة والعليا، وضبط آليات ووسائل تقويم تحفز الطالب والاطلاع والأسرة على المتابعة.
وطالب الصاعدي، بوضع برامج وأنشطة تستهدف الطلاب المتميزين، وكذلك أخرى تستهدف الطلاب دون المستوى المتوسط، ليحافظ المتميزون على تميزهم وليرتقي الآخرون إلى مستويات أعلى ومعاييرها في المقرر.