الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل واصفاً نبيه صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إنّ للقيم والأخلاق مكانةٌ رفيعةٌ في الدين الإسلامي، ومما يؤكد ذلك الحثّ على التخلّق بها، والعمل على تنميتها، بأحسن الصور والأفعال، إذ إنّ الإسلام يقوم على أربعة أصول، تضم الإيمان، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات، ولذلك كان للقيم والأخلاق نصيباً وافراً في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة. كما تشكل القيم والأخلاق المبادئ الأساسية التي تكوّن شخصية الإنسان وتنظّم سلوكه، وتحدد علاقات الأفراد مع بعضهم البعض من أجل تحقيق الغاية من خلق الإنسان، فالتسمك بالقيم والأخلاق أساس صلاح المجتمع.
والمتأمل في التاريخ الإسلامي يجد أن المسلمين حفلوا بالقيم والأخلاق والفضائل، واهتموا بها نظرا وتطبيقا، وقولا وفعلاً. كما ربط الإسلام بين العلم والقيم والأخلاق، وربط بين العبادة والقيم والأخلاق، وبين الاقتصاد والقيم الأخلاق، وغيرها من الأقوال والأفعال والممارسات في حياة الإنسان.
ومما أنعم الله به على هذه الأمة أن القيم والأخلاق الإسلامية مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهي تتسم بالعدل، وتتصف بالقدسية، وتنال ثقة المسلم، كما أنها تتميز بالوضوح، والوسطية، والواقعية، والإيجابية، وتقوم على أساس الشمول والتكامل، وتمتاز بالتكيف مع المتغيرات والمرونة في الممارسة والتطبيق، علاوة على أنها قيم وأخلاق عالمية وإنسانية.
ومن هذا المنطلق تأتي هذه المبادرة الحضارية الإسلامية الإنسانية (مبادرة القيم والأخلاق، خير أمة) وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة لتعزيز وترسيخ القيم والأخلاق ليصبح المجتمع المديني نموذجا يحتذى به في هذا المجال، وجاءت أهداف المبادرة محققة لذلك بإذن الله من خلال تعزيز وترسيخ القيم الأخلاقية، وتعزيز وترسيخ مفاهيم التعايش والتلاحم، واستثمار مكانةالمدينة المنورة الدينية والتاريخية والثقافية في تنمية المجتمع، وتفعيل الممارسة السلوكية للأخلاق، وبناء برامج داعمة للقيم ومعززه للسلوك الإيجابي.
ومما تميزت به هذه المبادرة التنوع في البرامج والفعاليات التي تحقق أهداف المبادرة حيث شملت المنتديات والملتقيات والدورات التدريبية والبرامج التشاركية بين الجهات وإنتاج المرئيات والوثائقيات الهادفة، والفعاليات والأنشطة داعمة، كما أتاحت الفرصة لمختلف الجهات وقطاعات المجتمع للمشاركة في فعالياتها وبرامجها من قطاعات حكومية وهيئات ومنظمات خيرية، وشركات ومؤسسات القطاع الخاص، وأفراد، كما استهدفت كافةأطياف المجتمع، من طلاب وطالبات، وشباب وفتيات، ومعلمين وأساتذة جامعات، وخطباء وأئمة مساجد، وأسر ومثقفين، وموظفين وموظفات، وأسر، وإعلاميين، ورجال أمن ومعتمرين وزوار، كما تميزت بإيجاد التنافس بين القطاعات المشاركة في تنفيذ الفعاليات والبرامج، فهو تسابق حميد لغايات سامية في مبادرة نوعية.
وجامعة طيبة تحقيقاً لأهداف المبادرة السامية، وتحقيقاً لخطتها الاستراتيجية والتي اشتملت في مقدمتها على القيم التي تلتزم بها الجامعة في جميع أنشطتها والمستمدة من ديننا الحنيف، كما جاء الهدف الأول من التوجه الأول للخطة الاستراتيجية مؤكدا على ترسيخ مفهوم الثقافة الإسلامية والعربية لدى الطلبة بما تحمله من قيم وأخلاق فاضلة، كما اعتمدت الجامعة الميثاق الأخلاقي المهني لجامعة طيبة ليرسم الطريق القويم لجميع منسوبي الجامعة ويضم العديد من القيم والأخلاقيات المنبثقة من قيم ديننا الإسلامي الحنيف، وبناء على تميز الجامعة بوجودها في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ملتقى كل المسلمين، قامت الجامعة بتشكيل لجنة عليا لتحقيق مشاركة فاعلة ومتميزة ونوعية بإذن الله تعالى لتحقيق رؤية ورسالة المبادرة.
ختاماً أتقدم باسمي وباسم منسوبي جامعة طيبة كافة بجزيل الشكر ووافر التقدير لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة على رعايته الكريمة لهذه المبادرة السامية واسأل الله التوفيق والسداد لجميع المشاركين لتكون أهداف المبادرة واقعاً ملموساً في المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى ومنطلق رسالة الإسلام والسلام والقيم النبيلة والأخلاق الفاضلة للعالم أجمع.