الشعر ديوان العرب، وعطر المجالس، ويأنس العرب سماعه، ويجتمع الناس حول الشاعر أو الراوي ليطربوا سمعهم بما يُقال وعن طريق الشعراء عُرف العظماء والحكماء، وأهل الكرم، والوفاء، ويبقى قصة خالدة وسيرة عطرة متجددة عبر التاريخ ينقلها الأجداد للأحفاد، فكم من بطل، وكريم ووافٍ عُرفوا من خلال ما قِيلت فيهم من قصائد، واشعار وأصبحوا أعلاما يضرب بهم المثل بين القبائل يتناقل قصصهم الرواة ويصل ذكرهم لجميع العرب ومتذوقي الشعر في كل مكان.
وكم من بيت من قصيدة يبقى مثلا وحكمة يضربه الإنسان عندما يصيح في موقف أو في مشهد يتناسب مع ما قاله الشاعر صاحب المثل؛ ليعبر عما في جوانحه ويفهم الطرف الأخر، وربما يكون هذا البيت الذي أصبح مثلا أو حكمة مدحا أو ذما يقال في المواقف التي تواجه الإنسان ويوازن بينهم ومن ثم يطلق هذا المثل، وريما يكون تنبيها يفهمه من وجه إليه الخطاب، ويتوقف عن فعله أو يكون تحفيزا للشخص للوصل للهدف المراد.
لا شك أن الشعر مهما جدا وينغى على الوالدين غرس حفظ الشعر أو كتابته في نفوس الأبناء كي ترتقي به نفوسهم، ويتجدد العطاء، ويصبحوا شعراء ماهرين ينقلون ما يحدث في هذا العصر للعصور القادمة يتناقلها جيل بعد جيل.
الشعر متعدد الأغراض ولكل غرض جماهيره ومحبيه، ولكن أكثر سطوة وجماهيرية شعر المحاورة حيث يكون بين شاعرين وأكثر، وصفوف يرددون ما يقوله الشعراء والساحة تزخروا بفحول الشعراء الذين يضرب بهم المثل وهم على قمة عالية من الأخلاق والأدب، ويحترمون غيرهم من الشعراء المقابلين والقبائل التي ينتسبون لها، وينتاولون بشعرهم معاني جزلة تسعد من يستمعون إليها
وعلى النقيض تجد بعض الشعراء -وهم قلة- ودخلاء على هذا الفن وقد تبرأت منهم السنتهم حيث يتعرض الشاعر لزميله المقابل بالسب والشتم والقذف، وربما يسب قبيلة بأكملها، بسبب شاعر لا يمثل قبيلته، ويذكرهم بما ليس فيهم، وربما يهجو ويتهجم على الأعراض فتتحول الساحة من حالة شعر وأُنس وانبساط وانشراح إلى حالة مصارعة، وينتج عنه لا سمح إصابات او وفيات، وربما تتطور إلى القبيلة التي تعرض شاعرها للسب أو الشتم لتنال من القبيلة الأخري.وهذا أمر ترفضه الأنظمة والقوانين التي تجرم العنصرية والتنمر والتطاول على الاخرين واسقاط معاني لا تمت للحقيقة بصلة. ولا يعاب على الشاعر أن يأتي بمعاني مدفونة وتمريرات يعلمها الشاعر المقابل وربما يجهلها العامة دون المساس بالأنظمة والقوانين والأعراف والتقاليد التي يلتزم بها الجميع ولا أحد يستطيع الخروج عليها.
مقترحات:
وللحفاظ على هذا الفن الجميل، وحتى لا يشوهوه الدخلاء على هذا الفن الذين يرغبون أن يتحدث عنهم الأخرين ويذيع صيتهم ويصبحون مشهورين تردد أسماءهم، ولكنه سواء أكان يعلم أو من غير لا يعلم بانه بلاشك أضر بنفسه واصبح منبوذا بين البشر، مهما وجد التصفيق الحار من الحاضرين.
لذلك اقترح الأتي:
– عدم ممارسة فن شعر المحاورة إلا بعد الحصول على رخصة شعرية إعلامية صادرة من وزارة الإعلام ومصرح له بمارس هذا الفن.
– وضع شروط صارمة لمن يريد الحصول على الرخصة الشعرية، الإعلامية.
– قرار خطي على الشاعر بعدم التطاول على الأخرين أو المساس بالقيم والتقاليد او الأعراف أو الاعرض بالسب أو الشتم.
– سحب الرخصة الشعريةً من الشاعر في حالة تطاول على شاعر أخر بما لا يليق، أو تعرض للقبائل الأخري بالسب والشتم.
– فتح مكاتب مصرحة لها من وزارة الإعلام، تتولى هذه المكاتب حجز الشعراء والتنسيق معهم شريطة ان يكون الشاعر مصرح له بهذه المهنة.
– الغرامة لمن يمارس شعر المحاورة دون الحصول على رخصة مزاولة مهنة شعر المحاورة لضبط هذا الفن المحبب للجماهير.
– تشكيل لجان لديهم القدرة على فهم، وتحليل ما يدور في ساحة المحاورة الشعرية هدفها استقبال شكاوي المتضررين أو المبلغين وفحص ما يردها، وإحالة المخالفين مع مقاطع الفيديو الخاصة بهم لجهات الاختصاص لاتخاذ ما يلزم حيالهم.
واخيرا
أخي الشاعر راقب الله ولا يقول لسانك إلا خيرا، وجميلا، فإن الحياة بيد الله عز وجل، والدنيا فانية، ولا يبقَ إلا العلم الطيب، فالأثر يبقى، وربما كلمة لا تحسب لها حسب ولكنها عند الله عز وجل لها حساب.فهناك كثير من الشعراء محبوبون لدى جماهيرهم بسبب أخلاقهم العالية، ويتعاملون مع من يقابلهم بأنه زميل يطرحون موضوعا ثم يناقشونه دون الإضرار بأحد أو التهجم بعبارات لا تليق. فلنبقَ جميعا على هذا المنوال.